الأربعاء، 11 يناير 2017

مدينة بلا أحياء

قلتُ لي : 

كأنّك مدينةٌ بلا أحياء ، شوارعُها مزدحمةٌ بالأموات ، ومُضاءَةٌ بالجماجمِ والأضلاع ، لا يطرقُ ليلَها شُعاعُ قمر ، ولا يزورُها الفجرُ إلّا مرّةً كلَّ عام ، ليطمئنَ على الأموات  ؛ هل ما زالوا أمواتا ؟ 

كأنّك ينابيعُ عطشى ، ظمأى إلى الماء ، وهي مهدُ الماء ، وكأنّك سلالمُ بلا أطراف غيرُ صالحةٍ إلّا للصُّعودِ نحوَ الأسفل .

لمَ تُعاندُ رياحَ الهزائمِ ؟ أما تعبتَ من أعاصير الظّلام ؟ وعقلكَ هل ما زالَ ضائعاً في متاهةِ الأفكار ؟ كم قلتُ لكَ : إنَّ هذا الوطن لم يعُد صالحاً أن يكونَ حمى ؟ 

ماذا تبقّى من قُواك حتّى تعصرَ اللفظ لتمُصَّ الحشراتُ رحيقَ المعنى ؟ لا أعرفُ هل المعاني تولدُ في بلادي ميّته أم هل المعاني أصبحت منفيّة ؟ 

لا تُحاول أن تستعيدَ اللحظة ؛ فاللحظاتُ المسروقةُ لا تعودُ أبداً ، اطوِ أشرعة السُّفُن ؛ فبحارُكَ بلا مرفأ ، وعبيرُكَ بلا عطرٍ ، وليلُكَ بلا فجرٍ ، وطلُّكَ لا يُحيي الأشجار بعدَ موتها ؛ فالأشجارُ حينَ تموتْ تصبحُ حطباً ؛ فلا تُحاول أن تعصُرَ الغَيم ؛ فالعقولُ تحجّرت وأصابها اليباس . 

متن : هكذا هي المُدن التي يبتلِعُها الظّلام . 

د.ع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق