الاثنين، 16 يناير 2017

صوتُ الرحيلِ ....




قال لها :
الدّموعُ تمدُّ جذورها نحو الشفاهِ اليابسةِ فتتورّدُ كما الشفقِ ، والقلقُ يصافحُ الحزنَ العميقَ قبلَ السفرِ ، والوداعُ يهمسُ في أُذنِ الفراقِ ؛ اقتربَ الرحيلُ فأطفئْ الشمعَ وأوقد حطبَ الانتظارِ .

 صوتُها يأتيه من بعيدٍ : لا أحملُ معي سوى كلماتٍ وبقايا عتابٍ ، وصوتاً كأنّه الطفلُ اليتيمُ يصرخُ من خوفٍ وجوعٍ . سوف أمضي وفي ذاكرتي صدى أُغنياتٍ عتيقاتٍ ووقعُ مطرٍ ورجعُ عطرٍ وغيمُ دخانٍ .

حبيبي :
دعني أمضي الليلةَ معكَ ، دعني أحفركَ في خيالي أعمقَ وأكثرَ ، دعني أنقشُ أنفاسكَ على جدارِ القلبِ ، بل في القرارِ ، بي شوقٌ أن أرقصَ هذه الليلةَ معكَ على إيقاعِ نبضِ قلبكَ فأشعرُ بدفءِ دمكَ يسري في عروقِ جسدي كالماءِ في سنابلِ القمحِ ذاتَ صيفٍ ، أو حين عطشٍ .

حبيبي :
زورقُ الفراقِ يدقُّ ناقوسَ السفرِ مُقيماً طقوسَ الرحيلِ ، يمخرُ السنينَ ويطوي المسافاتِ . وذراعاي التي تعوّدتْ على العناقِ فارغةٌ إلا من ظِلالِ ذكرياتِ ليلٍ وطريقٍ .

حبيبي :
كم أنا مُحتاجةٌ إلى البكاءِ على صدركَ ؛ لأنّي أخشى أن يعودَ الشتاءُ بلا مطرٍ ، وأخشى أن يعودَ الربيعُ بثوبِ الحزنِ ، بلونِ الحدادِ .

أقسمتُ ألا ألقاكَ وسأمضي دونَ أن ألقاكَ ؛ فالأسئلةُ التي أحملها معي عنّي وعنكَ مرايا من نارٍ وسحابٍ . 

حبيبي : 
سأبقى أسألُ عنكَ الحروف العالقات في خاطري مثلَ أشجارِ الزيتونِ ، مثلَ الحقولِ ، مثلَ الأوطانِ التي احترقتْ بنارِ الثوراتِ وعلقتْ بينَ وحوشِ الظلامِ .

حبيبي :
سأمضي لغدٍ لا يشبه غدكَ وليلٍ لا يشبه ليلكَ ووطنٍ لا يشبه وطنكَ ولغةٍ لا تشبه لغتكَ . سأمضي وفي القلبِ ناران : نارُ صوتكَ ونارُ الحنينِ .

حبيبي :
أعدُّ خطى ما تبقّى من زمنٍ ، والكلامُ يتعثّرُ بين الشفاهِ التي أصابها الكسلُ وهي تنتظرُ قبلتينِ في آنٍ : قبلةَ لقاءٍ وقبلةَ وداعٍ .

د.ع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق