الأربعاء، 11 يناير 2017

جنونُ الثورات ..



سبحان الذي أسرى بالعرب ليلاً نحوَ جنونِ الثّورةِ والتدمير ، فحسبوها لحظة ميلادٍ جديد ، فإذا بها ربيعٌ يورقُ موتى ودماء . وسبحان كل المعارك التي تتناسلُ جثثاً عربيةً وخياماً وأرامل ومتسولين ومشردينَ يتكاثرونَ كلَّ يومٍ مثلَ الأعشاب البريّة . 

لستُ أدري كيفَ تكونُ النهاية بعدَ ما تحولت الأرضُ إلى قبرٍ كبير ؟ 


لا أعرفُ كيف أشرحُ لكل سائلٍ عن الذين يذهبونَ إلى الموتِ الذي يخالونه جميلاً . ولا أعرفُ لمن نقيمُ بيوت العزاء ، وبمن نتقبّل العزاء ؟ لم أعد أعرفُ من هم الضحايا ومن هم الجلّادون ؟ كلهم يحجزون مقاعدَ في الجنّة الموعودة ! أخشى أن تتكاثر المذاهب والطوائفُ والفرق ، وأخشى أن يتكاثر الزعماء وأن تتكاثر الخرائط والدول واللغات .


أخشى من لغتي أن تُشعلَ نارَ الفتنةِ ، حينَ أكتبُ عن ثورات الوهمِ والجوعِ ، وأخشى أن أتّهم بالعمالةِ ، فتغتالني آراؤهم وتدوسني بساطير العسكرِ مثلَ نملةٍ تبحثُ عن قوتِ الشتاء ، وأخشى أن يصبحَ دمي مهدوراً كَدمِ القططِ والأطفالِ الذين يقتلونَ برصاصٍ طائش . أخشى من لغتي المزعجة أن تفضحَ غباءهم وقصورَ عقولهم .


لغتي لا تحب التصفيقَ ولا علاماتِ الإعجابِ لأنها تفرزُ كل شيءٍ وتعرّي عقولاً نشأت على ثقافةِ الأحذيةِ والهراواتِ والبلاغات الكاذبةِ ، فمنذ أن نضجت لا تتحّدث عن القبائلِ والطوائفِ والمذاهبِ وعملياتِ التجميلِ .

د.ع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق