قلتُ لها :
تأمّلي هذه الأرض ؛ كيفَ تشربُ الدّمَ ، وكيف تشربُ المطر ، وكيف تبلعُ أجسادنا وأشلاءَنا ، ثُمَّ تُعيدُ إنتاجنا ربيعاً ، وأشجاراً تُسافرُ في الفضاء .
هذا الرّبيعُ يحملُ جراحَنا وأحزانَنا وأوجاعَنا وفقرنا وفسادَنا وأحلامَنا التي تشتّت على الدّروب :
الجوعُ في وطني يقتلهُ الجّوع ..
الشّمسُ تُشرقُ في الظّلام ..
والصّباح تأخّرَ كثيراً ..
والفراغُ يلدُ الفراغ ..
والرّيحُ ثورٌ هائجٌ تقتاتُ من جوعِ جوعِنا ..
كيفَ نعيشُ ؟
ونحنُ ننتظرُ غداً يُقيمُ في الماضي العتيق ..
ينكسرُ النّهار كما ينكسرُ ظهرُ الفرس ، أو كما تنكسرُ خُطى الحروفِ لحظةَ حوارٍ مجنون :
أُبحرُ إلى آخر الأسئلة ..
إلى أقسى الأسئلة :
من سرقَ النّومَ من عُيون الحُلم ؟
ومن أوقدَ شجرةَ النّار ؟
وأيقظَ في قلوبنا الجنون ؟
كلُّ الينابيعِ في أرضي عطشى ..
صوتٌ من القرنِ الهجريِّ الثامنِ ..
يسألني في أوّلِ الحُلم :
ما لي أراكَ تُقدِّمُ عقلاً وتؤخِرُ عقلاً ..
هل بقيَ شيءٌ صالحٌ للنّهبِ في وطنكَ ؟
أو هل بقي شيءٌ صالحٌ للفساد بعدَ الآن ؟
ما أقذر الكلمات حينَ تتوسّلُ خليفةَ الخُلفاء ..
حينَ تنحني لأحذية الأمراء ..
أخرُ صرخةٍ ..
وآخر نداء :
ماتَ الوطن ..
وعاشَ خليفةُ الخُلفاء ..
د.ع