الأحد، 18 فبراير 2018

ضبابُ الماضي !



قلتُ لها :

لم تعدْ رائحةُ العِطرِ تتردَّدُ كالنَّغمِ 
في أرجاءِ المكانْ 
ولم يعدْ المكانُ يُشبهُ المكانْ
أتأملُ في تفاصيلِ المكانِ
أبحثُ عن تلكَ الذِّكرياتِ 
فلا أجدُ إلا بقايا 
من ذكرياتٍ سود

أحاولُ أن أستعيدَ الماضي
فإذا الماضي لا يستجيبْ
كلُّ الصُّورِ
وكلُِّ الأخيلةِ
يُجَلِّلُها الضبابْ
لا أعرفُ لِمَ تُمحى كلُّ التفاصيلِ
من ذاكرتي ؟
ولِمَ كلُّ شيء بات بارداً
كالصَّقيعِ
أو كالجليدْ ؟
كلما فتحتُ نوافذَ ذاكرتي
لا يدخلُ إليها 
إلا غبارُ السِّنينْ 

أيُّها الخريفُ
لم أنتظرْ يوماً أن أجنيَ 
من ثماركَ شيئاً
لا أرى إلا الأوراقَ
تتساقطْ
كأنِّي أرى الأشياءَ 
إلى زوالْ

أيُّها الشِّتاءُ الفقير
لا تحسبُني قوياً
لا تحسبُني صلباً
كالجبالْ
ها أنا هَرِمٌ
عاقرٌ
لم أعد قادراً على إنجابِ
حلمٍ صغيرٍ
أملٍ صغيرٍ
ابتسامةٍ ساحرةٍ
أو كلمةٍ تُثيرْ 

أيُّها العمرُ الغارقُ 
في الوحلِ والطِّينْ
لِمَ أطلقَ اللهُ سراحَ الشَّيطانِ
ولِمَ جعلَ صوتَهُ ساحِراً 
ومسمووووووعْ ؟

مَنْ سرقَ الرَّحمةَ 
من قلوبِ الطُّغاةِ
ومِن قلوبِ النِّساءْ ؟
مَن بنى للشَّيطانِ 
في كُلِّ مكانٍ
هياكلَ للجراح ؟
مَن زيَّنها بالمصابيحِ المُعتِمة ؟
مَن زرعَ شجرةَ الجهلِ 
في الرُّوح ؟

لم أكنْ أعرفُ يوماً أنِّي 
كالسَّائرِ في نومٍ عميق 
ولم أكنْ أعلمُ أن ظهريَ انحنى
من ذاكَ الحُلمِ الثَّقيل 
كنتُ أعتقدُ أنِّي أرى الأشياءَ 
كما لا يراها الآخرون
فإذا بي أعمى 
بلا عُكَّازٍ
ولا ساقينِ
ولا يدينِ
ولا عقلٍ يقودني
ولا قلبٍ يجرُّني 
نحو الحقيقةِ 
ولا موجٍ يأخذُ أشرعتي
نحو شواطىءِ الأمانْ
الآنْ
أيقنتُ لِمَ توحّش في داخلي
المكانْ 
ولِمَ كنتُ أعمى 
لا أعرفُ قراءةَ ما تقولُهُ 
النِّساءْ !

د.ع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق