قلتُ لها :
حينَ يضيقُ العُمرُ عليَّ أهربُ إلى أحلامِ الطفولة ، هُناك أجدُ متّسعاً من الخيال ؛ لأزرعَ الأزهارَ ، وأُلقي السّلام على الوجوهِ التي غادرت ذاكرتي حينَ ركبت موجَ الموتِ البعيد .
حينَ يضيقُ العمرُ عليَّ ، وتحاصرني عتمةُ الدّروبِ ، وكآبة الأيّامِ ، أهربُ نحو وجهِ أُمِّي ، فألمحُ بينَ تفاصيلهِ صوراً من عالمها البريء ، وأُصغي إلى حديثِ الأشجارِ ، وهمسِ الغُدران ، وأستدعي كلَّ القصص الجميلةِ التي كانت تنثرُ في وجداننا أحلاماً طُويت منذُ سنين.
حينَ يضيقُ العمرُ عليَّ ، أهربُ إلى قلمي وأوراقيَ البيضاء ؛ ارسمُ سماءً ، وصورةً لوجهِ حبيبتي وهي ترتدي ثوبها الشّفقي ، وارسمُ في عُمقِ السّماءِ نجمةً تُشبهُ طفلاً يتعثّرُ في الكلام ، يرتجفُ مثلَ عصفورٍ يخافُ المطرَ والظّلام ، وارسمُ صورةً لقمرٍ مُصابٍ بالزّكام ، وفي مُنتصف الصّفحةِ البيضاء ارسمُ صرخةً ترتعشُ من البردِ ، وغابةً من الأفكار ، بعضُها دافئٌ ، وبعضها عقيم ، ثُمَّ أعودُ كحصانٍ وحشيٍّ يبحثُ عن سرجٍ وسيفٍ وآخر فارسٍ غابَ منذُ نهايةِ عصرِ الفُرسان .
د.ع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق