قلتُ لها :
سأشُدُّ رحالي إلى لُغتي ..
أُفتّشُ في الحروفِ العتيقةِ ..
عن وطنٍ ما زالَ طفلاً يحملُ بالوناً ..
ولُعبةً على شكلِ أرنب ..
يُطاردُ فراشات الرّبيع ..
مثلَ قطٍّ وديع ..
يبحثُ عن صيدٍ سهل ..
سأعودُ إلى حروفي القديمة ..
وأسيرُ مُغمض العينين ..
أبحثُ عن وطنٍ باعوهُ في سوقِ النخاسةِ ..
كما تُباعُ الجواري ..
وتقاسموا ثمنهُ بالعدل ..
أليسَ غريباً أن يعترفَ اللصوصُ بالعدل ؟
أُفتّشُ بينَ أطرافها عن صباحِ وطني الجّميل ..
وأسألُ عن حقولها التي هجرها الزُّراع ..
وعن السنابل التي كانت تُصلّي لربِّ السّماء ..
سأسألُ التُّرابَ عن الجفاف ..
واسألُ السّواقي : من سرقَ من جوفها الماء ؟
سأعودُ إلى حروفي القديمة ..
لأرى من سرقَ القوتَ من أفواه العصافير ؟
ومن نزعَ الرّيش من اجنحة الحمام ؟
وأسألُ حرفَ الآه ..
من أينَ جاءكَ هذا الألم ؟
ومن شقَّ في جوفِ صدركَ الجُرحَ
وقالَ لك : هذهِ هي الطّريق ؟
سأعودُ إلى حروفي القديمة ..
مثلَ المُتسوّلين ..
أستمعُ إلى بيانٍ وزاريٍّ من مذياعٍ قديم :
سنقضي على البطالةِ والعنوسةِ وارتفاعِ الأسعار ..
ونسمحُ بحريّةِ الاجتماعِ والتّظاهر ..
ونأوي أطفالَ الشّوارعِ ..
ونُعيدُ الأسماكَ للبحرِ الميّت ..
والدّعمَ لرغيفِ الخبزِ ..
والمطرَ للشتاء ..
والموجَ للبحار ..
والرّيشَ للطّيور ..
والرّمالَ للصحراء ..
ونُعيد للوجوهِ الدّماء ..
وسنُعطي الوطنَ أشياءً وأشياء ..
سنطردُ الجُبنَ من العقول ..
والخوفَ من القلوب ..
والغيرةَ من العيون ..
والحسدَ والجنون ..
سنجعلُ الاقتصادّ يعملُ بكلِّ المُحركات ..
وسيكونُ له ألفُ عجلٍ وعجل ..
سأعودُ إلى لُغتي القديمة ..
لتأخذني إلى قلبِ الليل ..
كطعنةِ سكّين ..
أتقلّبُ في سريرِ الشّوكِ ..
من قلقِ السّؤال ..
فيثورُ في خاطري كلَّ غمضةِ عينٍ سؤال ..
من جعلَ هذا الوطن بلا أظافرَ ..
ولا أسنان ؟
ومن جعلهُ يترنّحُ مئةَ عامٍ ..
دونَ أن يسقطَ بالضّربةِ القاضية ؟
د.ع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق