قالت له :
ماذا أحضرتَ لي ؟
فقلتُ لها :
أحضرتُ لكِ عمريَ المجنونَ
في زجاجةِ عطرٍ عتيقةٍ
وأحضرتُ لكِ عصفورينِ
يحملانِ على جناحيهما
تعبي وتعبَ الطريقِ !
أحضرتُ لكِ حلماً
يطوي المسافاتِ
وثورةً تهدُّ جدارَ الخوفِ
في مدنِ الشرقِ !
لا تحسبي أحلامي بخيلةً
أو مُقطَّعةَ الحروفِ
كلُّ حرفٍ يا حبيبةُ كانَ رفيقْ
يحملُ همِّي
وهمَّكِ
وهمَّ الطَّريقْ !
يطوفُ ظلُّكِ حولي
كما يطوفُ الحجيجْ
ألقي رأسيَ الثَّقيلُ على ظلِّكِ
فيرتبكُ الألمُ في داخلي
ويعلو النَّشيجْ !
أينَ عبيركِ
الذي يعانقُ زهرَ أحلامي ؟
أينَ صمتكِ
الذي كان يُصلِّي في محرابِ أحزاني ؟
أينَ كأسكِ
الذي كان يشربُ الحبَّ من أغصاني ؟
أينَ أنفاسكِ
التي كانت تُدخِلُ الدفءَ على ليلي
وأين الأماني ؟
أعلمُ أنَّنا يوماً سنفترقُ
وسنرحلُ كما ترحلُ المياهُ
بينَ ضفافِ الأنهار
أعرفُ أنَّنا سنذبلُ
كما تذبلُ فوقَ الأغصانِ
الأزهار
أعلمُ أنَّ المسافاتِ التي أقامها الزمن
بيننا جدران
وأعلمُ أنَّني كالغريبِ
يفتِّشُ عن أحلامٍ
في ازدحامِ المعاني
وأعرفُ أنَّني حين أرحلُ عنكِ
ستذروني رياحُ الحزنِ
كأنِّي أوراقُ الخريفِ
أو كذاكَ المجهولِ
الذي يُقيمُ على أرصفةِ الفقراءِ
بلا عنوانِ !
يا حبيبةُ ..
لا تعصري اللَّيلَ
فليليَ المجروحُ
لا صبحَ فيه ولا فجر !
يا حبيبةُ ..
لا تسألي جسدي المُسجَّى
عن الجراحِ
ولا تستجدي من العابرينَ
الدُّعاء
ولا تبحثي لي
بين أحضانِ الأرضِ عن قبرٍ
فالأرضُ إذ ضاقت عليَّ
فقبري في عينيكِ
أو في أحضانِ المساء !
د.ع