قلتُ لها :
حينما فهمتُ ما يجري
انحنى حرفي
وأقلعَ عن الكتابةِ قلمي !
حينما فهمتُ ما يجري
توقفتُ عن الأحلامِ والتَّمنِّي
وجدتُ الفسادَ يبني أعشاشاً
فرجعتُ كالأمواجِ المُتكسِّرةِ أبكي !
حينما فهمتُ ما يجري
ضاقت الممَّراتُ في قلبي
واتَّسعَ الفراغُ أكثر !
حينما فهمتُ ما يجري
صارت قصائدي مشوَّهةً
تخشى الشَّمسَ أن تفضحَ ما نُخفي
" قالت لي البدويَّةُ السَّمراءُ :
من علَّمكَ أنَّ الشَّمسَ تفضح ؟
لا تنظر إلى الشَّمسِ
فالنّورُ في هذا الزّمان يعمي " !
حينما فهمتُ ما يجري
خجلَ الثَّلجُ منِّي
فغابَ عن وجهِ الأرضِ
فظهرت أشياءٌ فوقَ احتمالي
تشهدُ على تاريخٍ من التَّردِّي
آثارٌ فوقها آثارُ
وذئابٌ تتبعُ ذئابا
وثعالبُ تُغازلُ ثعالبا
وأنينُ جياعٍ
يأتيكَ مواويلَ حُزنٍ وعتابا !
حينما فهمتُ ما يجري
جلستُ على المقعدِ الخالي
أُحاولُ أن أقولَ
أو أن أستعيدَ بعضَ الأغاني
وحولي منثورةٌ عظامُ الطُّيورِ
وبعضُ أشلاءٍ من ذكرياتي
فنفختُ في خلايا العظامِ
فإذا الطُّيورُ تنهضُ من موتِها
على هيئةِ أطفالٍ
بعيونٍ سوداءَ وخضراءَ
وبوجوهٍ تسطعُ فيها ابتسامة
في يدي كلِّ طفلٍ غصنُ زيتونٍ
وعلى كتفهِ من تلكَ الطّيورِ حمامة
تهدلُ فيكسو الرَّبيعُ الأرضَ الخالية
وتأتيَ الرِّيحُ تنسُلُ ريشة
من جناحِ الحمامة
تكتبُ على صدرِ العتمِ :
" إذا الشَّعب يوماً أرادَ الحياة "
فلا بدَّ للخوفِ أن ينكسر !
د.عاطف الدرابسة