الأحد، 4 مارس 2018

المطبخُ الأردني

قلتُ لها :

المطبخُ الأردنيُّ من أغنى مطابخِ العالمِ ؛ فلدينا :

خبزٌ مشويُّ ..
خبزٌ مسلوقٌ ..
فتةُ خبزٍ بالماءِ ..
كفتة خبزٍ ..
خبزٌ كباب ..
خبزٌ محشيٌّ بالخبزِ ..
خبزٌ ملفوفٌ بالخبزِ ..
شوربةُ خبزٍ ..
خبزٌ ببروتيناتِ الصَّوامعِ ( الفئران ) ..
خبزٌ بالسُّوسِ ..
شرائحُ خبزٍ ..
خبزُ رأس عصفور ..
خبزُ ستيك ..
وخبزٌ هيك وهيك ..
وخبزُ كيك ..
وداوود باشا بالخبزِ
وداوود بيك ..

وأما الذين يعانونَ من السُّمنةِ الزائدةِ فيتوافر لهم ما يلي :

خبزٌ خالٍ من القمحِ ..
وقمحٌ رفضته دولةٌ عربيةٌ شقيقةٌ لأنه لا يطابقُ مواصفاتِها ومقاييسَها ..

لا أعرفُ يا حبيبةُ لماذا نشكو - نحنُ الأردنيين - من الطفَرِ والفقرِ وضيقِ الحالِ والفسادِ ونهبِ الأموالِ والتضخُّمِ ...

ما أغناكَ يا مطبخَ الأردنيين .. وما أشدَّ فقرنَا !

د.ع

عمّان : تفاصيلُ الجسد



قلتُ لها :

أُصلّي الفجرَ قبلَ الفجرِ .. 
وأسالُ الشّمسَ عن الظّهرِ .. 
والعصرَ عن العصرِ .. 
وأحملُ رأسي على ظهري .. 
وأمضي هارباً ..
من موتي .. 
ومن قهري .. 
وأقفُ كالغريقِ أطرقُ بابَ عمّانَ .. 
بجناحِ حمامَة .. 

فيأتيني صوتٌ كأنّهُ أنينُ وترٍ مقطوع :
عمّانُ ليست لكم .. 
عمّانُ ليست لكم .. 
اختر نعشكَ البنفسجي وارحل .. 
تتصبّبُ ذاكرتي عرقاً بارداً كالصّقيع ، وتفتحُ العُمرَ على مصراعيه ، وتمدُّ لي لسانها الطّويل كخرطومِ فيل ، وتقولُ لي انظر : 
كيفَ يبيضُ الفقرُ في كلِّ مكان ؟
وكيف ينتشرُ الجوع في كلِّ منزلٍ وشارعٍ كانتشار الضّباب كالجّراد ؟
انظر : 
كيفَ يخافُ الجوع من الجوع ؟ 
منذ متى لم ترَ ضحكة معلّقة على وجهِ طفلٍ أو امرأة ؟
منذُ متى لم تَنم كما ينامُ الأطفال ؟ 
منذُ متى لم تُغنِّ كما تغنّي السّهول ؟

يُداهمني صوتُ برأسٍ مقطوع :
عمّانُ ليست لكَ .. 
عمّانُ ليست لك .. 

لقد تغيّرَ وجهكِ يا عمّان صارَ  " كالسّتان " : ظاهرهُ لامعٌ وبرّاق ، وسطحهُ ناعمٌ كجسدِ أفاعي سُهولِ حوران .

تغيّرت دواخلكِ ومخارجكِ ومشيتُكِ كأنّكِ امرأةٌ لعوب تُلائمُ كلُّ الفصولِ ، وكُلِّ الأزمنةِ كأنّكِ قطعةٌ من قماش الكشمير ، يخيطونَ منكِ أثواباً لكلِّ الظّروفِ ولكلِّ الحالات .

عمّان :
كيفَ تغلغلَ إليكِ الفساد ؟ 
وكيفَ بنى فيكِ أعشاشاً وبيوتاً من حجرٍ وقرميد ؟
أنصحُكِ ان لا تخرجي للناسِ بثوبٍ من الليغرا ، أخافُ أن ترى النّاسُ كلَّ تفاصيل الفسّادِ وملامحهُ عند ارتدائه .

عمّان : 
كم تمنيّتُ أن تكوني شفافةً  " كقماش الجورجيت " ، جميلةً  " كقماش الكروشيه " ، قويّةً  " كقماش السباندكس " .

عمّان : 
رائحةُ الفسادِ تغمرُ المكان ، ورائحةُ الخيانة والنّفاق تعبقُ في كلِّ الزوايا والأنحاء ، مخطئةٌ أنتِ إن اعتقدتِ أن عطر : آيدول دي ارماني أو عطر شاليني أو عطر Jar أو عطر Boss femme قادرٌ على إزالةِ رائحة الفساد .

عمّان : 
لن يعودَ رسمُكِ جميلاً ساحراً كليلِ آذار ، مُشرقاً كشمسِ أوّلِ نيسان ، مُتألقاً مُحمرّاً كشهرِ آب ، فأعظم أنواع " الكونسيلر " لن يُصحّحَ عُيوبكِ ، وأعظم أنواع " الكنتور والهايلايتر " لن يُعيدَا إليكِ ملامحَ وجهكِ . 

عمّان : 
سأُصلّي بصمت لجسدٍ ينتظرُ الكفن . 

هامش : 
سأُحاول أن يكونَ هذا الكفن من قماش الدانتيل الأبيض والتّول ، لعلّكِ تَرجعينَ كما طائرُ الفينيق ، عروساً بثوبِ الزّفاف . 

د.ع