الأربعاء، 25 سبتمبر 2019

حينما فهمتُ ما يحدث


قلتُ لها : 

حينما فهمتُ ما يجري 
انحنى حرفي  
وأقلعَ عن الكتابةِ قلمي !

حينما فهمتُ ما يجري 
توقفتُ عن الأحلامِ والتَّمنِّي  
وجدتُ الفسادَ يبني أعشاشاً 
فرجعتُ كالأمواجِ المُتكسِّرةِ أبكي !

حينما فهمتُ ما يجري  
ضاقت الممَّراتُ في قلبي 
واتَّسعَ الفراغُ أكثر ! 

حينما فهمتُ ما يجري 
صارت قصائدي مشوَّهةً
تخشى الشَّمسَ أن تفضحَ ما نُخفي 
" قالت لي البدويَّةُ السَّمراءُ : 
من علَّمكَ أنَّ الشَّمسَ تفضح ؟ 
لا تنظر إلى الشَّمسِ
فالنّورُ في هذا الزّمان يعمي " !

حينما فهمتُ ما يجري  
خجلَ الثَّلجُ منِّي  
فغابَ عن وجهِ الأرضِ  
فظهرت أشياءٌ فوقَ احتمالي 
تشهدُ على تاريخٍ من التَّردِّي 
آثارٌ فوقها آثارُ 
وذئابٌ تتبعُ ذئابا  
وثعالبُ تُغازلُ ثعالبا 
وأنينُ جياعٍ 
يأتيكَ مواويلَ حُزنٍ وعتابا !

حينما فهمتُ ما يجري  
جلستُ على المقعدِ الخالي 
أُحاولُ أن أقولَ 
أو أن أستعيدَ بعضَ الأغاني  
وحولي منثورةٌ عظامُ الطُّيورِ 
وبعضُ أشلاءٍ من ذكرياتي  
فنفختُ في خلايا العظامِ 
فإذا الطُّيورُ تنهضُ من موتِها 
على هيئةِ أطفالٍ 
بعيونٍ سوداءَ وخضراءَ 
وبوجوهٍ تسطعُ فيها ابتسامة
في يدي كلِّ طفلٍ غصنُ زيتونٍ 
وعلى كتفهِ من تلكَ الطّيورِ حمامة 
تهدلُ فيكسو الرَّبيعُ الأرضَ الخالية 
وتأتيَ الرِّيحُ تنسُلُ ريشة 
من جناحِ الحمامة 
تكتبُ على صدرِ العتمِ : 
" إذا الشَّعب يوماً أرادَ الحياة "
فلا بدَّ للخوفِ أن ينكسر !

د.عاطف الدرابسة

النُّباحُ في سجنٍ خمسِ نجومٍ


قلتُ لها :

هذا الزَّمن لي وحدي 
أُحرِّكهُ كيفما أشاءْ
مرَّةً أجعلُه يميناً
ومرَّةً أجعلُه يسارْ
أُظهرهُ شيوعيَّاً حيناً
وحيناً من الإخوانْ !

أظهرُ على صورةِ داعش
وأظهرُ على صورةِ القاعدة
أجتاحُ دولاً
وأُغيِّرُ أنظمةً
وأُعيدُ تقسيمَ الشَّرقِ
على نحوِ ما أُريدْ !

أُبدِّلُ الزُّعماء 
كما أُبدِّلُ الثِّيابْ
أسبحُ في بحرِ الشَّرقِ
كالسُّفنِ الهوجاءْ
أتركُ ورائي ألفَ جرحٍ عميق
وألفَ عينٍ مُطفئَةٍ
فأنا المِخرزُ 
وأنا السِّكينْ ..

كلُّ الضَّحايا أنا جلَّادُها
وكلُّ الدُّموعِ المالحةِ 
أنا مَن سيَّلها 
وكلُّ الدِّماءِ في بلادِ العربِ
أنا مَن أراقَها
وكلُّ العواصمِ 
أنا مَن أوقدَ نارَها 
الفتنةُ النَّائمةُ 
أنا مَن أيقظها
تأتونَ إليَّ شيوخاً
وتأتونَ إليَّ وجوهاً
فلا تأخذونَ منِّي 
إلا اللَّطمَ والصَّفعاتْ ..

أنا الدُّولارُ 
الإلهُ في الأرض
وأنتم أتباعي
وعبيدي 
متى أشاءُ 
أجعلُ صحراءَكُم جنَّةً
ومتى أشاءْ 
أجعلُها جحيمْ !

أيُّها العُميانُ الأوفياءُ
ذهبكُم لي 
وأنا أجزي به 
بترولُكم لي 
وأنا أجزي به
خيرُكم خيرُكم لي 
وأنا خيرُكم لي !

أنا الدُّولارُ
أنا السُّمُّ والعسل
أنا الدَّمعُ والأمل
أنا العصا 
وأنتمُ الطَّبلْ !

أنا الدُّولارُ
أنا مَن يحكمُ عليكم 
بالرَّحيلِ أو البقاء
فأنا الخيطُ 
وأنتُم الدُّمى !

تعالي يا خرافيَ الجميلةَ
إلى حضنِ الجزَّار
فرؤوسُكم 
منذ أن تبوأتُ عرشَ هذا الزَّمنِ
تحت سكِّيني 
وهذه الرُّبوعُ 
اللاتي تقتاتونَ على أعشابِها
من أملاكي
أُقسِّمُها كيفما أشاءْ
مرَّةً على طريقةِ سايكس
ومرَّةً على طريقةِ بيكو
وأهبُ منها ما أشاءْ
على طريقةِ شيخي بلفور !

أنا الدُّولارُ
وبيدي كلُّ شيءٍ
وبأمري تصيرُ أرضُكم
أكفانْ
وبأمري أخيطُ لكم منها 
الحريرَ أثوابْ !

أنا الدُّولارُ
أينما اتَّجهتُ تتبعوني 
كالكِلابْ
لا رأيَ لكم
لا قرارَ لكم
لا حقَّ لكم
سوى النُّباحْ !

د.عاطف الدرابسة

الثلاثاء، 24 سبتمبر 2019

مرافئُ النجوم


قلتُ لها :

روحي 
تحومُ حولَ مرافئِ النُّجومِ
تسألُ الأُفقَ 
عنِ العشقِ
كيف يستوي على نارِ المسافةِ
وجمرِ الزَّمن

يا وجعَ الأوردة
حين يفيضُ فيها
عشقٌ 
كأنَّه الرُّؤى
فتترجرجُ النَّارُ
في مرايا القناديل
ويَضيقُ على حدِّ شفتي
المدى

أعبرُ الأحلامَ 
وحيداً
فتأتيني أُنثى الجليدِ
وجهاً بلا ملامح
كأنَّها نجمةٌ خرجتْ
كالجنونِ
من زُهرةِ السَّماءِ
واتَّخذتْ من روحي
وطن

سمائي التي تزدحمُ
بالنُّجومِ التي انشقَّتْ 
عن ثورةِ روحكِ
تلتوي كالطَّريقِ 
إلى الشَّيطان
فتعجُّ الرُّوحُ 
بالضَّباب
وتنحني المسافةُ
على صدرِ الآه
فتدمعُ عيني
ويسجدُ في خاطري
البُكاء !

د.عاطف الدرابسة

الاثنين، 2 سبتمبر 2019

قميصُ يوسف



قلتُ لها :

ليتَ ما كان لي أُذنانِ
لأنِّي أُريدُ أن أسمعكِ 
بروحي
وليتَ لي يا حبيبةُ 
قميصَ يوسفَ 
فيقعُ ما بيننا 
الوِصالُ
فأزرعُ النَّارَ في عينيكِ
لهباً
فيذوبُ الدُّخانُ
لِتَرِي معي يا حبيبةُ
ما لا يُرى !

د.ع

الأحد، 17 مارس 2019

العمرُ المجنون !


قالت له :

ماذا أحضرتَ لي ؟

فقلتُ لها :

أحضرتُ لكِ عمريَ المجنونَ 
في زجاجةِ عطرٍ عتيقةٍ
وأحضرتُ لكِ عصفورينِ
يحملانِ على جناحيهما 
تعبي وتعبَ الطريقِ !

أحضرتُ لكِ حلماً 
يطوي المسافاتِ
وثورةً تهدُّ جدارَ الخوفِ
في مدنِ الشرقِ !

لا تحسبي أحلامي بخيلةً
أو مُقطَّعةَ الحروفِ
كلُّ حرفٍ يا حبيبةُ كانَ رفيقْ
يحملُ همِّي 
وهمَّكِ 
وهمَّ الطَّريقْ !

يطوفُ ظلُّكِ حولي 
كما يطوفُ الحجيجْ
ألقي رأسيَ الثَّقيلُ على ظلِّكِ
فيرتبكُ الألمُ في داخلي 
ويعلو النَّشيجْ !

أينَ عبيركِ 
الذي يعانقُ زهرَ أحلامي ؟
أينَ صمتكِ 
الذي كان يُصلِّي في محرابِ أحزاني ؟
أينَ كأسكِ 
الذي كان يشربُ الحبَّ من أغصاني ؟
أينَ أنفاسكِ 
التي كانت تُدخِلُ الدفءَ على ليلي 
وأين الأماني ؟

أعلمُ أنَّنا يوماً سنفترقُ
وسنرحلُ كما ترحلُ المياهُ 
بينَ ضفافِ الأنهار
أعرفُ أنَّنا سنذبلُ 
كما تذبلُ فوقَ الأغصانِ 
الأزهار 
أعلمُ أنَّ المسافاتِ التي أقامها الزمن 
بيننا جدران
وأعلمُ أنَّني كالغريبِ 
يفتِّشُ عن أحلامٍ 
في ازدحامِ المعاني 
وأعرفُ أنَّني حين أرحلُ عنكِ 
ستذروني رياحُ الحزنِ 
كأنِّي أوراقُ الخريفِ
أو كذاكَ المجهولِ 
الذي يُقيمُ على أرصفةِ الفقراءِ 
بلا عنوانِ !

يا حبيبةُ ..
لا تعصري اللَّيلَ
فليليَ المجروحُ 
لا صبحَ فيه ولا فجر !

يا حبيبةُ ..
لا تسألي جسدي المُسجَّى 
عن الجراحِ 
ولا تستجدي من العابرينَ 
الدُّعاء
ولا تبحثي لي 
بين أحضانِ الأرضِ عن قبرٍ
فالأرضُ إذ ضاقت عليَّ
فقبري في عينيكِ
أو في أحضانِ المساء !

د.ع

المُنتظر !



(1)

هذا الصَّخرُ
كيف يُسافرُ فيه الماءُ
ليُعيدَني حيَّاً ؟


                                                                     (2)



بعدَ غيبةٍ 

أسألُ عنِّي 
كأنِّي لستُ منكِ
أو كأنَّكِ لستِ منِّي !


                                                                    (3)



بُعثتُ فيكُم

وما أنا منكُم
لأُعلِّمَكم 
كيفَ تُباعُ الأوطان 
وكيفَ تبكي السُّهولُ 
وكيف تموتُ عطشاً
الشُّطآن !
ثمَّ أُعلَّمكُم 
 ثقافةَ النِّسيان !


                                                                   (4)



بُعثتُ إليكُم

لأُحييَ الموتى
وما أنتُم بموتى !


                                                                   (5)



بُعثتُ فيكُم

لأُوحيَ لكم بالسِّرِّ
وكيف خرجَ الضَّميرُ 
من الضَّميرِ
كما تخرجُ الرُّوحُ من الجسدِ
لتَحِلَّ في الحجر !
فيصرخُ من شدَّةِ الظُّلمِ 
الحجرْ !
كم تمنيَّتُ أن آتيَ إلى هذه الحياةِ
على هيئةِ حجرْ !
وهل يخلدُ في هذا الزَّمنِ الفاسدِ
إلا الحجرْ ؟


                                                                 (6)



أُحاولُ أن أمضي 

باتجاهِ دولةِ البرقِ والرَّعدِ
أتبَعُ خُطى المطر
وأنظرُ كيف يتغيَّرُ 
وجهُ الأرضِ
وكيف تحبلُ بالأسرار !
وأتأمَّلُ كيف يموتُ
على حواشي الرِّمالِ
الموجُ !
ويصمتُ عن البوحِ
آخرُ بحر !


                                                               (7)



أُحاولُ أن أشُقَّ الطُّرق

كي يعبرَ الهواءُ النَّقيُّ 
إلى رئاتِ العصافيرِ
ورئاتِ الحَمَام !
أُحاولُ أن أُشعِلَ النِّيرانَ
في المياهِ المالحةِ
لأحفرَ الأنفاقَ
في صدرِ الظَّلامِ !
وأكتبُ على وجهِ القمرِ
آخرَ الوصايا :
لا تضعوا العسلَ في السُّمِّ
فيفسدَ السُّمُّ 
في خلايا الدَّمِ 
ويحلو المَرارُ في الفمِ 
فأعودُ إلى الجاهليَّةِ الأولى
أتبعُ شيخاً وقبيلةً
وأُصلِّي خاشعاً 
للصَّنمِ !


د.ع

الأحد، 4 مارس 2018

المطبخُ الأردني

قلتُ لها :

المطبخُ الأردنيُّ من أغنى مطابخِ العالمِ ؛ فلدينا :

خبزٌ مشويُّ ..
خبزٌ مسلوقٌ ..
فتةُ خبزٍ بالماءِ ..
كفتة خبزٍ ..
خبزٌ كباب ..
خبزٌ محشيٌّ بالخبزِ ..
خبزٌ ملفوفٌ بالخبزِ ..
شوربةُ خبزٍ ..
خبزٌ ببروتيناتِ الصَّوامعِ ( الفئران ) ..
خبزٌ بالسُّوسِ ..
شرائحُ خبزٍ ..
خبزُ رأس عصفور ..
خبزُ ستيك ..
وخبزٌ هيك وهيك ..
وخبزُ كيك ..
وداوود باشا بالخبزِ
وداوود بيك ..

وأما الذين يعانونَ من السُّمنةِ الزائدةِ فيتوافر لهم ما يلي :

خبزٌ خالٍ من القمحِ ..
وقمحٌ رفضته دولةٌ عربيةٌ شقيقةٌ لأنه لا يطابقُ مواصفاتِها ومقاييسَها ..

لا أعرفُ يا حبيبةُ لماذا نشكو - نحنُ الأردنيين - من الطفَرِ والفقرِ وضيقِ الحالِ والفسادِ ونهبِ الأموالِ والتضخُّمِ ...

ما أغناكَ يا مطبخَ الأردنيين .. وما أشدَّ فقرنَا !

د.ع